إن عالم
التكنولوجيا عالم كبير اذا دخلته ستجد الكثير من الاشياء التى تروق لك ،
فلقد دخلت التكنولوجيا فى كثير من مجالات الحياة،والتكنولوجيا تعنى
التطبيق العلمى للعلوم التى تم التوصل اليها فى جميع المجالات فى الحياة ،
فنجد أن التكنولوجيا الحديثة دخلت فى الصناعة والزراعة والتجارة والطب
..... الخ.
ولا أعنى بالتكنولوجيا الأجهزة والمعدات الثقيلة ولكن
المفهوم دائرته اتسعت ،فمثلا انت اذا اتبعت اسلوباً معيناً فى زراعة نبات
ما هذا الاسلوب يعتمد على قواعد علمية مدروسة فأنت حينها قد قمت بتطبيق
ضربا من ضروب التكنولوجيا ، وغيرها من الأمثلة التى يمكن أن أسوقها لك من
حياتنا العملية .
ونحن نرى فى الآونة الاخيرة اتساعا علميا شمل العديد
من جوانب الحياة ، ومن المتوقع فى الأعوام القادمة حدوث طفرات كبيرة فى
مجتمعاتنا وخاصة المجتمعات التى تهتم بالعلوم وتطويرها ، فالاختراعات
العلمية الحديثة تنهال علينا دون توقف او ركود ، ونجد أن العلم قد تطرق فى
كل شئ .
فلو أخذنا مجال الرياضة كمثال نجد أن العلم قد وضع أسسا وقواعد
حديثة للرياضيين ، فمن دراسة جسم الانسان وحركاته وسلوكه تمكن العلم من
التوصل لبعض التمارين التى تعين الرياضى على أداء أفضل ، كما قدمت له
العلوم الميكانيكة والحركية أجهزة رياضية متنوعة مثل المشاية التى تمكنه
من الجرى دون ان يتحرك اى مسافة للامام وكذلك العجلة الثابتة .
ومن هنا
لابد أن نعلم أن التكنولوجيا ليست محدودة على مجال معين ، فأنت وفى أى
مجال كنت عليك ان تكون على دراية بالتطورات العلمية التى تتعمق فى المجال
الذى تعمل فيه وعليك أن تكتسب خبرات جديدة دائما وأن يكون عملك سائرا على
منهج علمى مدروس وهذا مما لاشك فيه سيساعدك كثيرا على النجاح ، فأنت عضو
فى هذه الامة واياً كنت فلك دور كبير و فعال .
فى هذه المقدمة تجولت
قليلا حول مفهوم التكنولوجيا وتطبيقاتها وذكرت بعض المثلة من حياتنا لذلك
،ولكنى سأكمل حديثى بالحديث عن التكنولوجيا الرقمية أو تكنولوجيا الحواسيب
كما يقال ، فالحق أن هذا المجال العلمى يشهد تغيرات يصعب تقديرها ، ففى كل
لحظة نجد كثير من المخترعات تخرج للعالم لكى تزيده تقدما .
ولعل ذلك
نتيجة لكم هائل من المعرفة توصل اليها الانسان فى العصر الحديث منذ بدء
الثورة الصناعية ، حيث قام الانسان بالعديد من التجارب لاثبات نظرية ما او
لاكتشاف شئ جديد ، وهذه الاكتشافات والتجارب ما هى الا احدى الحلقات
الصغيرة فى سلسلة العلم الطويلة فكلم توصلت الى حلقة تبين لك ان العلم ما
زال مفتوح وان كثير من الحلقات العلمية مفقودة فكلما بحثت زادت الامور
تعقيدا ، وتبين من ذلك ضعف الانسان امام قدرة الخالق - جل شأنه - يقول
سبحانه وتعالى فى كتابه العزيز } وما اوتيتم من العلم الا قليلا { .
فعندما
تم اكتشاف الذرة ظن العلماء انها نهاية المطاف المادى و حينما تعمقوا اكثر
فى هذه الذرة تبين لهم انها تتكون من جسيمات اصغر فاصغر، ونفس الشئ حدث فى
اكتشاف الفضاء الخارجى وفى جسم الانسان وما الى ذلك ، واختصر ذلك قائلا ما
من اكتشاف جديد الا ويتبعه الاف الاكتشافات الجديدة .
الحاسوب
(الكمبيوتر) ذلك الجهاز العجيب الذى ابدعت فيه عقول البشر (وانوه ان جميع
الاختراعات البشرية ما هى الا دليل قدرة الله فهو الذى ابدع العقل البشرى
وهو الذى مهد للانسان التفكير فى كل هذه المخترعات يقول تعالى عن قدرته }
ويخلق مالا تعلمون { فما من شئ على هذه الارض او فى هذا الكون الا يسير
بقدرته وبعلمه - سبحانه وتعالى عما يشركون - ) .
فالحاسوب عبارة عن
مزيج من المواد الكيميائية و النظريات الفيزيائية والعلاقات الرياضية
المعقدة ، ذلك المزيج الذى ابدع ذلك الجهاز وهذه المكونات لم تنشأ جملة
ومن فرد واحد ولكنها تمت على فترات متباعدة ومراحل متعاقبة وبعد تجارب
كثيرة ، تم جمع هذه التجارب والاكتشافات و التوفيق بينها واخضاعها للعامل
التكنولوجى (التطور المعرفى ) .
فالجهاز يعمل بالكهرباء التى تم
اكتشافه قبل الحاسوب - وأعنى بذلك انه لولا اكتشاف الكهرباء ما اخترعنا
الحاسوب - ولو تعمقنا فى مكونات الحاسوب والتغيرات التى طرأت عليه منذ
اكتشافه حتى الان فلن ينتهى بنا الحديث ، ولكن المهم ان ذلك الجهاز وصل
الينا فى شكله المعتاد بعدما طرأت عيه الكثير من التغيرات والتطورات
المعقدة التى شاركت فيها اكثر من يد واكثر من عقل فكم عالم وكم مهندس ادخل
فكرة جديدة على هذا الاختراع ، والتطور لازال مستمرا والمجال مفتوح لكل
انسان ، ولكم اتمنى ان يكون للمسلمين الدور الاكبر فى هذا المجال .
وقبل
ان انهى حديثى عن الحاسوب اريدك ان تتخيل معى لو أننا انتقلنا بالة الزمن
الى احدى العصور التليدة بجهاز كمبيوتر والتقينا مع احد علماء ذلك العصر
المبدعين ، ثم اخبرته أن ذلك الجهاز يتكون من السيليكون الذى هو المكون
الاساسى للرمل ومن البلاستيك الذى يستخرج من الزيت ( البترول ) ومن كذا
وكذا ثم أحضرت له كل تلك المواد ثم اخبرته أن هذه المواد هى التى يتكون
منها الحاسوب فلن يستطيع بعقليته ان يتخيل ذلك -حتى لو كان ذو عقلية
تخيلية بعيدة - ذلك لأنه يفتقد الكثير من الحلقات العلمية التى تحدثنا
عنها سابقا .
وهنا يكمن سحر التكنولوجيا فقد تحولت تلك الاشياء - التى
لا قيمة لها عند البعض - مع كثير الافكار والتجارب والايدى العاملة الى
اختراع لا يخلو منه مجال للعمل من التعليم الى الصناعة و التجارة .
والاتصالات اللاسلكية من اهم التغيرات التى احدثتها التكنولوجي الحديثة والتى جعلت العالم كله عبارة عن قرية صغيرة ،فمن أهم تطبيقات
اللا سلكية : الهاتف المحمول والتلفاز والانترنت ويعتبر كلا منهم مجال خاص يتسع الحديث فيه .
ونشاهد
ذلك التطور التكنولوجى ايضا فى مجال الميكانيكا التى غيرت العالم فعملت
على تسهيل المواصلات و سرعتها وازالت حمل ثقيل كان يقع الانسان فى المصانع
وابعدت عنه مخاطر كثيرة اثناء عمليات التصنيع الصعبة وخاصة فى درجات
الحرارة العالية كما فى افران انتاج الحديد ، ولعل من اهم الاختراعات
الميكانيكة : الطائرات والصواريخ التى تحمل الاقمار الصناعية وكذلك
السيارات والمعدات الثقيلة كالرافعات والجرارات وغيرها.
ومن المهم ان اقول ان جميع فروع العلم لا تتجزأ و لا تنفصل فكل فروع العلم حلقة متصلة متكاملة و إن كان لكل مجال رجال متخصصون
واضرب
لك مثالا لو افترضنا اننا نريد صنع سيارة فإننا نحتاج الى خبراء فى
الميكانيكا لتصميم محركات السيارة و سنحتاج الى مهندسي كهرباء لتصميم
الدوائر الكهربية المتعلقة بالبطارية والاضاءة وسنحتاج الى خبراء فى علم
التصادم لتحقيق الامان الافضل للركاب و سوف نحتاج ايضا الى دراسات طبية
لتحقيق الراحة الافضل للركاب من حيث مثلا استقامة الظهر ووضع الرؤية وخبير
الكمياء له دور فعال فى تطوير البطارية و صناعة الاطارات والمهندس
الالكترونى الذى يضفى بمجاله الكثير على تلك الأله مثل الكاسيت او خاصية
مانع الانزلاق ABS)) أو جهاز التحكم عن بعد ، وغير ذلك من العلوم التى
تتكاتف معا لتكون مزيجاً مفيداً تنتفع به البشرية .
فالتكنولوجيا حينما
تدخل فى مجال معين تعنى أن نجمع كل الافكار التى طرحت فى ذلك المجال
والتوفبق بينها و إخضاعها لليد العاملة و صنعها بطريقة ملائمة للوظيفة
التى صنعت من اجلها .
وتعتبر التكنولوجيا سلعة من السلع فهناك من
ينتجها و يوردها وهناك من يطور فيها وهناك من يقتصر دوره غلى الاستخدام
فقط ، فالمصنع
أو المنتج هو الذى يساهم فى انشاء او ابتكار او اكتشاف
شئ جديد ويخرج جهاز مفيد تنتفع به البشرية ، وصناعة التكنولوجيا ليست حكرا
على احد ولكنها تحتاج الى مواصفات خاصة و ظروف معينة ، فصناعة التكنولوجيا
تحتاج الى كم كبير من المعرفة العلمية كما تحتاج الى تمويل ضخم و معامل
متطورة لاجراء التجارب اللازمة وكذلك اماكن للتصنيع واسواق للبيع ، كما
يجب الاهتمام بالمبدعين والمفكرين ورعاية الافكار الجديدة ، وتوفير المناخ
المناسب للعمل من الراحة والمن والاستقرار .
وهذه المهمة على صعوبتها
الا انها ليست مستحيلة فكثير من الدول كانت فى عداد الدول الننامية ولكنها
استطاعت النهوض و الخروج من دائرة الظلام واصبحت على رأس الدول المصنعة
والمصدرة للتكنولوجيا أمثال : الهند ، دول النمور الاسيوية وماليزيا
وغيرها.
والنهضة لا تقوم بين ليلة و ضحاها ولكنها تحتاج تخطيط دقيق ،
وصبر او كما يقال طول بال ، فالبداية تكون بوضع خطة مدروسة تناسب وضع
البلد التى تسعى للرقى ولا بأس أن يتم الاستعانة بتجار الدول الاخرى أو
الاستعانة بخبراء من تلك البلاد ، ثم بعد ذلك يتم التقدير الزمنى الذى
تستغرقه الخطط ودراسة المشكلات التى يتوقع ان تواجهنا ثم البدء بالتنفيذ
دون توانى وسيكون التقدم باذن الله .
إن العرب والمسلمين لهم دور كبير
فى بحر العلم الواسع فلهم إنجازات لاحصر لها يشهد بها التاريخ فى جميع
المجالات ، وإن كان ينتابهم شئ من الضعف بسبب البعد عن طريق الله - عز وجل
- ، واكتفاءهم بالاستهلاك فقط .
والمبدعون العرب والمسلمون لايحصون
عددا منهم : ابن سينا والادريسي وابن النفيس و ابن بطوطة والحسن بن الهيثم
والبيرونى والخوارزمي - والغرب يطلقون اسم الخوازميات على العمليات
الحسابية المعقدة - وغيرهم منع العرب الذين لمع اسمهم فى سماء العلم.
وبالرغم
من الركود الحضارى فى الامة العربية الا ان قطار المبدعين لازال مستمرا
فمن العرب المشهورين : احمد زويل و مصطفى مشرفة و مجدى يعقوب وفاروق الباز
واحمد نشائى ومصطفى السيد ، والمجتمعات العربية مليئية بالعقول الناضجة
التى تحتاج الاهتمام
لتنطلق الى عالم الابداع والاختراع .
فلابد للمسلمين ان يستعيدوا مجدهم فهم أحق بذلك التقدم الذى يتزايد فى هذا العالم فهم اصحاب القيم والاخلاق فهم عباد الرحمن فى الارض
فالتكنولوجيا
يجب ان تكون محدودة بحدود القيم والاخلاق التى علمها الله للخلق فى القرآن
وفى هدى النبي - عليه الصلاة والسلام - ، فلو حادت التكنولوجيا عن ذلك
الطريق فلابد للفساد ان ينتشر، وفى ذلك يقول الشاعر :
لا تحسبن العلم ينفع وحده مالم يتوج ربه* بخلاق
( ربه : صاحبه)
فنحن
نرى سلبيات التكنولوجيا والنتشار المعرفى و اثر ذلك على القيم والعادات
التى ورثتها الامم فكما يقال العلم سلاح ذو حدين ، فلو كانت التكنولوجيا
محفوظة بالقيم والاخلاق لاستطعنا التخلص من السلبيات التى تكاد تفسد
مجتماعتنا ، فعلى الانسان أن يحسن استغلا تلك النعمة التى منحها الله ايها
وان يشكر ربه على تلك النعمة ، ولا يعصى الله فيها حتى لا تصبح
التكنولوجيا التى هى مصدر راحة الانسان حملا ثقيلا لا يتحمل تبعاته و تصبح
نقمة مصدر شقاؤه .
والله ولى التوفيق...
كتابة وتأليف : أبوالعزم محمد عبدالوهاب
الموقع الالكترونى : elazm.own0.com
البريد الالكترونى :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]منقول ....أخوكم يوني