يقول علماء النفس
إن كثيرا من الهموم والضغوط النفسية سببه عدم الرضا ، فقد لا نحصل على ما
نريد ، وحتى لو حصلنا على ما نريد فقد لا يعطينا ذلك الرضا التام الذي كنا
نأمله ، فالصورة التي كنا نتخيلها قبل الإنجاز كانت أبهى من الواقع .
وحتى بعد حصولنا على ما نريد فإننا نظل نعاني من قلق وشدة خوفا من زوال
النعم . ومن هنا كان الدعاء المأثور " اللهم عرفنا نعمك بدوامها لا
بزوالها " .
وقد خلق الإنسان .. وخلق معه القلق .. أو خلق القلق ثم خلق له الإنسان ليكابده .
وهناك نوعان من القلق : القلق الطبيعي والقلق المرضي .
والقلق الطبيعي هو الذي يمكن أن نطلق عليه القلق الصحي ، أو القلق الذي لا
حياة بدونه ، أو الذي لا معنى للحياة بدونه . وإذا اختفى أصبح الإنسان
مريضا متبلد الوجدان .
وهموم الحياة كثيرة : هموم العمل والمنزل ، مرض الآباء أو الأبناء ، ديون
متراكمة أو خلافات عائلية، امتحانات أو مقابلات . وكلها حالات تبعث في
النفس القلق ، وقد تجعلنا نفقد شهيتنا للطعام ، أو ربما نفقد السيطرة على
أعصابنا لأتفه الأسباب . وقد نحرم لذة النوم الهانئ ، نتعذب بالانتظار
والحيرة ، ونذوق مرارة الحياة . وتمر الأيام ، وتنقشع تلك المشاكل والهموم
، ونرضى بالأمر الواقع ، ويزول القلق ، وننعم بالسكينة والهدوء ، ثم تأتي
مشكلة جديدة ونمر بتجربة أخرى ، وهكذا هي الحياة ..
أما القلق غير الطبيعي فهو _ كما يقول الدكتور عادل صادق _ إحساس غامض غير
سار يلازم الإنسان . وأساس هذا الإحساس هو الخوف . الخوف من لا شيء ،
الخوف من شيء مبهم .
وفي حالات القلق يزداد إفراز مادة في الدم تدعى الأدرينالين ، فيرتفع ضغط
الدم ، ويتسرع القلب ، ويشكو الإنسان من الخفقان ، أو يشعر وكأن شيئا
ينسحب إلى الأسفل داخل صدره .
ويظن بقلبه الظنون ، ويهرع من طبيب إلى طبيب ، وما به من علة في قلبه ،
ولا مرض في جسده إلا أنه يظل يشكو من ألم في معدته واضطراب في هضمه ، أو
انتفاخ في بطنه ، و اضطراب في بوله أو صداع في رأسه .
يقول ديل كارنجي : " عشت في نيويورك أكثر من سبع وثلاثين سنة ، فلم يحدث
أن طرق أحد بابي ليحذرني من مرض يدعى ( القلق ) ، هذا المرض الذي سبب في
الأعوام الماضية من الخسائر أكثر مما سببه الجدري بعشرة آلاف ضعف . نعم لم
يطرق أحد بابي ليحذرني أن شخصا من كل عشرة أشخاص من سكان أمريكا معرض
للإصابة بانهيار عصبي مرجعه في أغلب الأحوال إلى القلق !
من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه ، وجمع له شمله ، وأتته الدنيا
وهي راغمة . ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ، وفرق عليه
شمله ، ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له .
كن عن همومك معرضا وكل الأمور إلى القضا
أبشر بخير عاجل تنسى به ما قد مـضى
فلرب أمر مسخط لك في عواقبه رضـا
ولربما اتسع المضيق وربما ضاق الفضـا
الله يفعل ما يشاء فلا تكن متـعرضا
ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس