البُستانيّ و الثّعلبُ
يُحكى أنّ بُستانيًّا كان له بستانٌ يعتني بأشجارهِ كلّ يومٍ ،
يسقيها ، أو يكنش التّربة حولها ، يقلّم أغصانها ،
أو يقلع الأعشاب الضّارة المحيطة بها .
نَمَتْ أشجار البستان و أثمرتْ ، فتدلّتْ أغصانها .
و ذات مساءٍ مرّ بالبستان ثعلبٌ جائعٌ ،
رأى ثماره الناضجة فسال لعابه و اشتهى أن يأكل منها ،
لكن كيف يدخل البستان ؟
كيف يتسلّق هذا السّور العالي ؟
بقي الثعلب يدور حول السّور ، حتّى وجد فتحة في أسفله ،
فنفذ منها بصعوبة ، و بدأ يأكل الفواكه حتّى انتفخ بطنه ،
و لمّا أراد الخروج لم يستطع .
قال في نفسه : أتمدّدُ هنا كالميّت ،
و عندما يجدني البستانيّ هكذا ،
يرميني خارج السّور ، فأهرب و أنجو .
جاء البستانيّ ليعمل كعادته ، فرأى بعض الأغصان مكسّرة ،
و القشور مبعثرة ، عرف أنّ أحدًا تسلّل إلى البستان ،
فأخذ يبحث حتّى وجد ثعلبًا ممدّدًا على الأرض ،
بطنه منفوخ ، و فمه مفتوح ، و عيناه مغمضتان .
قال البستانيّ : نلتَ جزاءك أيّها الماكر ،
سأحضر فأسًا ، و أحفر لك قبرًا ،
كي لا تنتشر رائحتك النّتنة .
خاف الثعلب فهرب و تخبّأ ، و بات خائفًا .
و عند الفجر خرج من الفتحة الّتي دخل منها ،
ثمّ التفت إلى البستان و قال : ثمارك لذيذة و مياهك عذبة ،
لكنّي لم أستفد منك شيئًا :
دخلت إليك جائعًا ، و خرجت منك جائعًا ، و كدت أن أدفن حيًّا .